أبوظبي، 19 يونيو 2025 – في خطوة تاريخية على طريق الجهود الرامية إلى تعزيز الفهم وتوطيد التعاون، عقدت اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان بالشراكة مع أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، جلسة حوارية رفيعة المستوى جمعت ممثلين عن اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، واللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، واللجنة الحكومية الدولية لحقوق الإنسان التابعة لرابطة دول جنوب شرق آسيا، بالإضافة إلى لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان التابعة لجامعة الدول العربية. جاء الحوار تحت شعار "الآليات الإقليمية لحقوق الإنسان: قواسم مشتركة ومنظورات فريدة".
وتقديرًا لدور دولة الإمارات العربية المتحدة الريادي في بناء الجسور وتعزيز الحوار، شدّد المشاركون على أهمية مواصلة التعاون وتبادل الخبرات بين الهيئات الإقليمية لتعزيز المساءلة، ودعم الابتكار، والاستجابة بفعالية للتحديات الناشئة في مجال حقوق الإنسان.
تأتي هذا الفعالية ضمن سلسلة من جلسات حوارية حول حقوق الإنسان تمتد من فبراير حتى يونيو 2025، حيث ضمّت جلستين نقاشيتين تناولتا دور الأنظمة الإقليمية لحقوق الإنسان وتطورها، وعلاقاتها بالحكومات الوطنية والأطر الدولية، وذلك بهدف تعميق الفهم لأهمية هذه الآليات الإقليمية وتأثيرها في النهوض بحقوق الإنسان.
في كلمته الافتتاحية، أشاد سعادة نيكولاي ملادينوف، مدير عام أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية، بجهود اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان وأكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية في تنظيم هذا النقاش الذي يتسم بالأهمية وحسن التوقيت، مسلطًا الضوء على الدور الحيوي الذي تؤديه الأوساط الأكاديمية في تعزيز حقوق الإنسان وفي إعداد دبلوماسيي المستقبل وصنّاع السياسات بما يمتلكونه من معرفة وأدوات تُمكّنهم من الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان وصونها.
وفي السياق ذاته، أكّدت هند العويس، مدير اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، أن هذه الجهود تتسق تمامًا مع الالتزام الراسخ لدولة الإمارات العربية المتحدة ببناء شراكات إقليمية، وتعزيز الحوار، وترسيخ التفاهم المشترك، باعتبارها ركائز أساسية للنهوض بحقوق الإنسان. ويجسّد هذا الالتزام بالتبادل المفتوح والاحترام المتبادل جوهر النسيج الاجتماعي للدولة، ويشكل نهجها تجاه حقوق الإنسان محليًا ودوليًا.
وفي ضوء ما تحقق بشأن مسار الآليات الإقليمية لحقوق الإنسان، وتأثيرها، وأهميتها المستمرة، صرّح خورخي ميزا فلوريس - الأمين التنفيذي المساعد لنظام الالتماسات والقضايا في اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان - قائلاً: "لقد نشأت هذه الآليات، في كثير من الحالات، استجابةً لفظائع تاريخية وقمع ممنهج. ومنذ ذلك الحين، تطوّر عملها بشكل استباقي ليتماشى مع الواقع الاجتماعي والسياسي في مختلف المناطق، مجسّدًا التزامًا جذريًا بمواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية، سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي. وتسعى أيضًا إلى ضمان إحقاق الحقيقة والعدالة وجبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان."
تحدثت المفوضة جانيت راماتولي صلاح نجاي - نائب رئيس اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب والمقررة الخاصة المعنية بحقوق المرأة في أفريقيا - عن أهمية الخصوصيات الإقليمية والمقاربات السياقية، مشددةً على ضرورة مواءمة المبادئ العالمية مع الواقع المحلي، وأكدت قائلةً: "يتميّز الميثاق الأفريقي في الهيكل العالمي لحقوق الإنسان بتأكيده أن الكرامة الإنسانية لا تقتصر على الأفراد فحسب، بل تمتد لتشمل المجتمعات أيضًا؛ إذ يرسخ بجرأة حقوق الشعوب في التنمية، وتقرير المصير، والعيش في بيئة مرضية – بما يعكس قيم أفريقيا المتجذرة في التضامن، والرفاه الجماعي، وعدم انفصال الفرد عن المجتمع."
وفي معرض حديثه عن أهمية التعاون وبناء الشراكات، شددت آيشغيول أوزون مارينكوفيتش - نائب المستشار القانوني، قلم المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان - على أن "الانخراط في حوار قضائي على المستوى التنفيذي يعزز الثقة المتبادلة والفهم المشترك، ما يُمهّد الطريق لكفالة تنفيذ صكوك حقوق الإنسان."
في الجلسة الثانية، تطرق محمد الشحي - رئيس لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان، جامعة الدول العربية - إلى الدور المحوري الذي تضطلع به لجنة الميثاق العربي لحقوق الإنسان في صون حقوق الإنسان وتعزيزها على مستوى المنطقة. وأكد الشحي أهمية التعاون على عدة مستويات - سواء على الصعيد الوطني أو الإقليمي أو الدولي لدعم حقوق الإنسان وحمايتها. وفي معرض حديثه عن الحق في التنمية، قال "لا يزال أمامنا جميعًا الكثير لننجزه، وهذا لن يتحقق إلا بالتكامل بين الجميع."
سلّط سعادة السفير يونغ شانثالانغسي - ممثل جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية والرئيس السابق للجنة الحكومية الدولية لحقوق الإنسان التابعة لرابطة دول جنوب شرق آسيا - الضوء على دور اللجنة، مشيرًا إلى أن "اللجنة تضع شعوب الآسيان في صميم جهودها، وتسعى إلى ضمان مشاركة فعّالة وشاملة لجميع الأطراف المعنية في عملية بناء مجتمع الآسيان. ونُسهم في تحقيق أهداف ميثاق الآسيان، التي تتمثل في تعزيز الاستقرار الإقليمي، والوئام، والصداقة، والتعاون، إلى جانب تحسين مستوى المعيشة، والرفاه، والمشاركة المجتمعية لشعوبنا."
اختُتمت الفعالية بإجماع مشترك على أن الأنظمة الإقليمية، رغم اختلافها في الشكل والوظيفة، تُعد ركيزة أساسية في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها على مستوى العالم. فبفضل قدرتها على التعبير عن الواقع المحلي مع التمسك بالمعايير العالمية، تُمثل هذه الأنظمة جسرًا حيويًا يربط بين المبادئ الدولية والتطبيق العملي لها على المستوى الوطني.