التسامح في دولة الإمارات العربية المتحدة

التسامح هو أحد القيم الراسخة في المجتمع الإماراتي، ويمثّل ركيزة أساسية تقوم عليها السياسات الحكومية الهادفة إلى حماية الحريات الدينية، وتعزيز الحوار بين الأديان، وبناء ثقافة شمولية تحترم التنوع والاختلاف.

وتحتضن دولة الإمارات أكثر من 200 جنسية، ما يجعلها واحدة من أكثر الدول تنوعاً في العالم، حيث يعيش فيها السكان من مختلف الأديان ويمارسون عقائدهم وشعائرهم الدينية بحرية جنباً إلى جنب.

ولطالما تبنى المجتمع الإماراتي قيم التسامح والمساواة، حتى قبل تأسيس دولة الإمارات في عام 1971. وبفضل بيئة التسامح هذه، تم إنشاء العديد من دور العبادة التي يقصدها أتباع الديانات المختلفة ومن جميع الجنسيات، بما يشمل أكثر من 50 كنيسة، ومعبدين هندوسيين، ومعبداً للسيخ ومعبداً لأتباع الديانة البوذية.

وترحب دولة الإمارات سنوياً بالملايين من السياح والمقيمين من مختلف أنحاء العالم، وتقدم لهم الحياة الكريمة والاحترام أياً كانت ثقافاتهم واهتماماتهم وأساليب حياتهم، ويتجلى ذلك بالقوانين والتشريعات التي تضمن ازدهار مجتمع دولة الإمارات المتنوع والحيوي..

وانطلق التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بقيم التسامح الديني من رؤية مؤسس الدولة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الهادفة إلى بناء مجتمع قائم على العدل والإخاء لجميع من يعيش في ربوع الدولة.

ولا يعد التسامح قيمة متأصلة في المجتمع الإماراتي وحسب، بل هو حق أساسي من حقوق الإنسان. وتحرص دولة الإمارات على حماية هذا الحق وصونه كعامل أساسي لبناء مجتمع قائم على العدل والمساواة يتيح لجميع المواطنين والسكان عيش حياة كريمة وسعيدة.

وقد أكّد إنشاء منصب وزير التسامح عام 2016 (الذي أعيدت تسميته ليصبح وزير التسامح والتعايش في عام 2020) جهود الدولة لتعزيز تقبّل جميع الأفراد في المجتمع.

التسامح ضمن حقوق الإنسان

التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز التسامح الديني ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة (1945)، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948)، وإعلان فيينا (1993)، والتي تكرس حرية الدين أو المعتقد كأحد حقوق الإنسان العالمية الثابتة والراسخة.
وتنص المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكلِّ شخص حقٌّ في حرِّية الفكر والوجدان والدِّين"، مما يؤكد على حق كل شخص في إظهار دينه أو معتقده بالتعبُّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.
هذه الحرية هي ركن أساسي للعيش في مجتمع منفتح ومتنوع ومتسامح، يوفر لأفراده حرية الفكر والدين واعتناق معتقدات مختلفة، مع نبذ التعصب والتطرف.
تؤمن دولة الإمارات أن الحق في التسامح الديني، كما تحدده الأطر الدولية لحقوق الإنسان، هو قيمة إنسانية يجب حمايتها، وهو أيضاً شرط قانوني وتشريعي يتيح للحكومات حماية الحريات الدينية ومنع التمييز والعنصرية والكراهية.
التسامح ضمن حقوق الإنسان

أهم الإنجازات

تجسّد دولة الإمارات العربية المتحدة مثالاً رائداً في المنطقة على المجتمع المتسامح الذي يحترم جميع الأديان والمعتقدات، ويضمن حرية ممارسة العقائد والشعائر الدينية.

دولة الإمارات هي أول دولة تنشئ وزارة التسامح والتعايش، والتي تهدف إلى تعزيز قيم التسامح المشترك، إضافة إلى التوعية بمخاطر التطرف الديني. تتولى الوزارة أيضاً مسؤولية ضمان التطبيق الفعال لقانون مكافحة التميز والكراهية والتطرف لدولة الإمارات العربية المتحدة، والذي يهدف للحماية من التمييز وخطاب الكراهية.
تضم دولة الإمارات عدداً كبيراً من دور العبادة لغير المسلمين، كما تحتضن بيت العائلة الإبراهيمية الذي يتألف من مسجد وكنيسة وكنيس يهودي ومركز تعليمي. ويهدف هذا الصرح إلى تعزيز لغة الحوار والتفاهم بين الأديان.
انطلاقاً من مكانة دولة الإمارات الرائدة في حماية حرية الأديان، أطلقت الدولة البرنامج الوطني للتسامح في عام 2016. ويهدف البرنامج إلى دعم دور الحكومة في تعزيز التسامح من خلال إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لتعزيز حماية الحريات الدينية، إضافة إلى تحديد الأهداف الوطنية في هذا السياق، وترسيخ مكانة دولة الإمارات على مؤشرات التنافسية العالمية ذات الصلة.
في فبراير 2019، توجه قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، بزيارة تاريخية إلى دولة الإمارات، والتي مثّلت الزيارة البابوية الأولى إلى شبه الجزيرة العربية، مهد الدين الإسلامي. وخلال الزيارة، وقَّع قداسة البابا فرنسيس وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس حكماء المسلمين، وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، والتي تدعو إلى الوئام والتفاهم بين الاديان.
تعمل دولة الإمارات مع شركائها في مختلف أنحاء العالم على رفع مستويات التسامح على المستوى العالمي، وهي شريك أساسي في مجموعة من الاتفاقيات والمعاهدات والمبادرات الدولية التي تهدف إلى منع العنف ومكافحة الإرهاب والجريمة، مثل مركز هداية لمكافحة التطرف والعنف، ومركز صواب.
اعتمد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة عام 2023 قراراً جوهرياً شاركت دولة الإمارات والمملكة المتحدة في صياغته، وهو يدين العنف وخطاب الكراهية والتطرف، ويحث الدول أعضاء المجلس على بذل جميع الجهود لمنع انتشار الأيديولوجية غير المتسامحة والحض على الكراهية.