تفاصيل الخبر

كلمة سعادة الشيخة خلود القاسمي، وكيل الوزارة المساعد لقطاع الرقابة بوزارة التربية والتعليم

بمناسبة اليوم الدولي للتعليم، الذي يصادف يوم 24 يناير من كل عام، تبرز الجهود الحثيثة التي تبذلها دولة الإمارات العربية المتحدة للارتقاء بسوية أنظمة التعليم، وتحقيق التوازن بين الأداء الأكاديمي وتنمية المهارات الحياتية للطلبة. وتعكس هذه الجهود الالتزام الراسخ للدولة بتوفير فرص تعليمية متميزة لجميع المواطنين والمقيمين على حد سواء، والتي تأتي في إطار التزام الدولة بتحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030، وإيماناً منها بدور التعليم الجوهري في تنمية المجتمعات ورسم ملامح المستقبل، وأهميته في تحقيق السلام والازدهار الحضاري حول العالم.

وعلى المستوى الدولي، يمثّل التعليم أحد حقوق الإنسان المكفولة والمحمية بموجب العديد من المواثيق الدولية التي تعد دولة الإمارات طرفاً رئيسياً فيها. وتشدد هذه المواثيق على أهمية التعليم كحق أساسي من حقوق الإنسان، وتحدد الالتزامات التي يتعين على الدول الإيفاء بها في هذا الإطار. وعلى سبيل المثال، تنص المادة 26 (1) من وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن "لكلِّ شخص حقٌّ في التعليم". وتشكّل هذه المادة الوثيقة التأسيسية للكثير من المعاهدات الدولية اللاحقة ذات الصلة بحقوق الإنسان، مثل اتفاقية حقوق الطفل، والتي تنص المادة 28 منها على حق الطفل في التعليم، وتؤكد على أهمية جعل التعليم الابتدائي إلزامياً ومجانياً للجميع. 

كفل الدستور الإماراتي حق التعليم لكل المواطنين، ويأتي في مقدمة أولويات القيادة الرشيدة للدولة.
فقد أدركت قيادتنا الرشيدة، منذ تأسيس الدولة، أهمية التعليم كأحد الحقوق الأساسية، ولم تدخر جهداً في دعم المساعي الرامية للارتقاء بسويته في الدولة، وترسيخ حضورها التنافسي في هذا المجال على الخارطة العالمية، وتعزيز أواصر التعاون الدولي في قطاع التعليم؛ لاسيما في ضوء المنافسة الشديدة التي يشهدها العالم في مجالات الابتكار والمهارات التي تواكب متطلبات المستقبل. وليس أدل على ذلك من سياسات الاستثمار التي اعتمدتها الدولة لتطوير البنية التحتية والتقنية في المؤسسات التعليمية، بهدف تطوير المنصات التعليمية الافتراضية والرقمية، والتي أبرزت دولة الإمارات كقصة نجاح عالمية في مجال استمرارية التعليم دون انقطاع خلال فترة الجائحة.

وفي سبيل مواصلة دورها الرائد على المستوى العالمي، أطلقت دولة الإمارات العديد من المبادرات الوطنية التي تعكس تصميمها القوي على بناء مجتمع مثقف ومتعلم. وعملت الدولة على تنويع نطاق المناهج والمساقات الدراسية وتوسيعها لمواكبة احتياجات الطلاب، وتعزيز قيم الابتكار والتفكير الناقد وحل المشكلات. كما توفر الدولة 18 منهاجاً دراسياً مختلفاً لتلبية متطلبات الطلاب وتطوير مهاراتهم، وذلك من خلال منظومة تعليمية مرنة تراعي التنوع الثقافي والعرقي الذي يميز المجتمع الإماراتي.

وفي إطار مساعيها الحثيثة الرامية إلى رعاية الطلاب وتوفير بيئة تعلّم آمنة لهم، تم استحداث قطاع الرقابة في وزارة التربية والتعليم بهدف اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة لحماية الأطفال في المؤسسات التعليمية، وضمان حقهم في الوصول إلى التعليم العادل والشامل. ويشمل ذلك تمكين الفرق الرقابية ودعمها للتعامل بشكل فوري مع حالات الإساءة للأطفال أو إهمالهم أو تعنيفهم أو الحاق الضرر بهم أو حرمانهم من حقهم في التعليم، وضمان حصولهم على تعليم عالي الجودة بيئة تعليمية سليمة وآمنة.

وإذ نحتفل باليوم الدولي للتعليم، يتعين علينا أيضاً ألا ننسى وجود أكثر من 250 مليون طفل وشاب حول العالم خارج المدارس، أغلبهم من الإناث. وهذا ما دفع حكومة دولة الإمارات في عام 2015 لتقديم مشروع قرار إلى مجلس حقوق الإنسان في جنيف، ينص على ضرورة ضمان حق التعليم لجميع الفتيات، والحرص على عدم حرمان أي شخص من هذا الحق. ولا يزال مشروع القرار مدرجاً على جدول أعمال مجلس حقوق الإنسان، مع مراجعته وإثرائه بشكل دوري من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

إن التعليم ركيزة أساسية لتحقيق التقدم والتنمية في مجتمعاتنا. كما أن توفير التعليم للجميع يعكس التزامنا الراسخ ببناء عالم أكثر عدالة واستدامة. وعليه، أدعو أن نستلهم من احتفالنا بهذا اليوم أهمية تعميق التعاون العالمي بهدف تعزيز قيمة التعليم كأداة فاعلة للتغيير الإيجابي، والتشجيع على الابتكار والإبداع في مجال التعليم؛ لأن استثمارنا في قطاع التعليم هو استثمار حقيقي في بناء مستقبلنا المشترك، والسبيل لمنح الأجيال القادمة فرصة قيادة الطريق نحو مستقبل مشرق.